الميتابيليتي وبناء الخبرة (مع أداة مقترحة)

هذه مقالة لي كتبتها حين كنت أعمل خبيرة لمدرسة تطوير وشاركت بها الخبراء والخبيرات في منتدى الخبراء على بوابة مشروع تطوير ،،، ويمكن لأي أحد أن يسقطه على ذاته سواء كان هذا الشخص مشرف أو معلم أو طالب أو متفرغ


هل نحتاج أن نعود متعلمين كتعلم الطلاب الذي وصفت بتي ڪ . جارنر طريقة تعلمهم في كتاب لها بعنوان الوصول للعقول ترجمه د.عبدالعزيز المنصور بتكليف من مكتب التربية العربي

وعادت بي الذاكرة للوراء رأيت حينها خبيرا أو خبيرة وقد جاءوا بين أروقة عالية المستوى في مشروع تطوير فاحتارت

كيف سأعلم غيري ولم أتعلم أنا أحس الجميع هنا أنه بحاجة إلى مزيد من التدريب ولكن الوقت يسير لابد أن أسعى لبناء خبرتي بنفسي ولكن مهمات وعمل الخبير جعلته يقف عاجزا عن التعلم وبناء الخبرة وتراود لأذهاننا ليس لدينا وقت
ولكن يبدو لي الكثير استطاع أن ينتشل نفسه من كل الأفكار السلبية عن
طريق الميتابيليتي

هل بالفعل كان الميتابيليتي طريق التعلم و بناء الخبرة العام الماضي؟
هل ما زلنا نحتاج للميتابيليتي وبشكل مستمر؟
كيف يمكن أن نطور ميتابيليتي خاص بنا؟


ما هو الميتابيليتي؟


في إحدى دول العالم كانت هناك مدرسة تدار ذاتيا ، قرّرت هذه المدرسة الاستعانة بخبير يقدم للهيئة التعليمية المشورة التي تدعم العمل وتعمل على تطويره
تقدم لهذه الوظيفة عددا من الخبراء ولكن المفاضلة كانت بين اثنين منهم فقط الأول خبرته خمسة عاما قضاها في عمله كخبير إحدى المدارس الثانوية أما الآخر فخبرته في هذا المجال لم تزد عن خمسة أعوام كان لدى الأول معلومات كثيرة ويمتلك المهارة الاستشارية لاحظ ذلك القائد عند لقائه إياه سأله

ما هي رؤيتك المستقبلية لتحسين وتطوير المدرسة مع أول تطبيق للمدارس التعاونية فأجاب لدي من المعلومات الكثير والتي إكتسبتها من خلال تطبيقي لمدارس النهضة وهي مشابهة للمدارس التعاونية

سأله القائد: ما هي خطتك لتطوير خبرتك؟

قال: قد اكتسبت الكثير من الخبرة في السنوات السابقة فما احتاجه الآن هو أن أعطي خبرتي لغيري

أما الآخر فسأله القائد نفس السؤال ما هي رؤيتك المستقبلية لتحسين وتطوير المدرسة فأجابه أنت تعلم أن هذا النموذج جديد وهو يحتاج بالفعل إلى رؤية عميقة وحتى أضع خطتي ورؤيتي لابد أولا أن أتعرف على الهيئة التعليمية في المدرسة وأتفهم حاجات المتعلمين لديكم وأن أعرف نوعية العلاقات في مدرستكم
سأله القائد هل لديك خطة لتطوير مهاراتك وخبرتك بما أن خبرتك قليلة في هذا
المجال التربوي
أجاب هذا الخبير: عزيزي ولو كانت خبرتي عشرين سنة في
هذا المجال فأنا بحاجة للتطوير والتحسين لأن الخبرة القديمة وإن
كانت ماهرة تعمل فترة من الزمن
ثم تصبح خبرة عاجزة عن مواكبة التطورات والمستحدثات
ومن هنا فأنا في كل وقت
وحين مهما مرّ بي العمر بحاجة إلى تحديث هذه الخبرة وتطويرها
وإلا لن أكون قادرا على إحداث التغيير لنفسي وغيري


من برأيك الأصلح لهذا المهمة الأول أم الثاني ؟

لو كنت في اللجنة لأخترت الآخر لأن الشخص عندما يعتقد أنه
وصل لدرجة عالية من العلم ويكفيه هذا في عمليات التحسين
والتطوير فإنه وإن كان بئر من الذهب الأسود
فليعلم أنه سوف ينضب وسيعجز عن استكمال المسير
ذلك أن العقل
يحتاج لصيانة
وصيانته لكل البشر  
و لنا كخبراء بالذات هو

الميتابيليتي

ترى  بتي ڪ . جارنر أن الميتابيليتي
مكونة من كلمة Meta  ومعناها التغير وكلمة Ability  وتعني القدرة
وذلك لوصف الدورة التفاعلية المستمرة من التعلم والإبداع والتغير
حيث يتفاعل الفرد مع المعلومات بإبداع في سبيل بناء معنى لها وإحداث تغير مرغوب

وبالتعلم الذاتي الموجه يستطيع الخبير أن يحقق ميتابيليتي خاص به

من وجهة نظري نقطة التعلم الكبرى لدى الخبير
هي الإستفسار والتساؤل

وحتى يكون هذا الإستفسار ذا دور فاعل
في بناء الخبرة بالتعلم

لابد أن يكون بالبحث عن أمور لا نعلمها
يقوم بعدها الخبير / ة بالمواءمة بين ما تم الحصول عليه من خلال
الإستفسار وبين المعلومات والمعارف السابقة
وهنا يحدث التعلم ذو المعنى بإيجاد تطبيق لها محدثا تغييرا في بنيته الفكرية والسلوكية


ومن أمثلة الأمور التي نبحث فيها ونتساءل ونستفسر

-         ما يقدم إلينا من إدارة مشروع تطوير والبحث فيما خلف سطوره
-         التعلم من خلال البحث في وجهات نظر الآخرين مثل رؤية مختلفة للقائد عن رؤية الخبير فيتم الإستفسار والبحث في وجهة نظره قد تكون طريقة لتوسيع الخبرة عن طريق التعلم
-         البحث والإستفسار في كل مفهوم جديد يمر على الشخص فمثلا مفهوم الميتابيليتي قد يبحث فيه الخبير والخبيرة بطريقة مختلقة ويخرج بمفاهيم مغايرة لما أوردته الكاتبة وهذا أسلوب أعمق للتعلم وبناء الخبرة
-         البحث في الأسباب التي أدت إلى تصرفات البعض
                     في المدرسة بطريقة ما


متى يحتاج الخبير الإستفسار والتساؤل ؟

- حين يجد الخبير والخبيرة نفسه أمام موضوعات خارج نطاق معارفه وخبراته
- حين يحس أنه بقي فترة من الزمن حتى وإن كانت قصيرة لم يهطل غيث معلومات جديدة عليه وقتها عليه الإستسقاء لنفسه من معين الكتب ولتكن موجهة البحث عن طريق إثارة التساؤلات لذاته
- حين يبني لعمله صورة مستقبلية يحتاج للبحث في أبعادها



ولتوجيه التعلم الذاتي يمكن استخدام جدول الاستيعاب القرائي الذاتي
الذي صممته د.مارغريت دايرسون
والذي يتكون من أربعة أعمدة

1-   ما أعرفه
2-   أسئلتي
3-   ما تعلمته
4-   ما أريد أن أعرفه


ففي العمود الأول يتأمل الخبير في الموضوع الذي يريد أن يبحث عنه
ويدون ما يعرفه حول الموضوع

أما في العمود الثاني يضع الاستفسارات التي يريد البحث فيها وتعلمها

أما في العمود الثالث
يسجل المعلومات التي تعلمها

أما الرابع
فأقترح أن يستبدل ما أريد أن أعرفه بكيف أطبق ما عرفت

لأن تراكم ما يتعلمه الخبير بشكل مستمر يمثل المادة الخام التي يغذي
بها الخبير استشاراته
فإذا امتلك الخبير المعلومة إحتاج إلى أن يبني مهاراته من خلال توجيه
تفكيره وقدرته للتعامل مع المواقف من خلال ما يملك من معلومات بحسب حاجة الموقف الإستشاري وحين تتكرر هذه العمليات وتكون بشكل مستمر يتولد لديه أسلوبه الخاص والمتميز في إدارة المواقف

فقدرة الخبير على ربط المعلومات السابقة بالجديدة وتوظيفها بشكل جيد
يبني تصور عقلي فاعل مما يخلق لديه القدرة على الإبداع محققا بذلك التغير
المرغوب الذي يرتجيه مكتسبا بذلك مهارات تقديم الإستشارات























أداة مقترحة لبناء الخبرة


قد يسعى الخبير لبناء خبرته من خلال تعلمه ذاتيا ويريد أن يبني لنفسه تصورا لكيفية التطبيق
لذلك أضع لكم مقترحة
وهي عبارة عن سجل
تضع في السجل اليوم والتاريخ والموضوع الذي تريد البحث فيه

ثم تضع جدول الإستيعاب القرائي الذاتي بتصرف

العمود الأول – ما أعرفه
العمود الثاني – أسئلتي
العمود الثالث – مصادري
العمود الرابع – ما تعلمته
العمود الخامس – كيف أوظف ما تعلمته

والعمود الخامس يضع فيه الشخص مواقف مقترحة إفتراضية أو حقيقية أو مواقف سمع عنها أو مر بها ويبدأ في صياغتها كموقف ويعمل على توظيف معلوماته فيها .

طبعا كل موقف يكتب خارج العمود الخامس لأنه سيكون موسعا ولكن يكتب نبذة عن الموقف فقط في هذا العمود

مثال افتراضي

الهدف العام : تعلم الإتصال الفعال
                     الهدف الفرعي - إستراتيجيات التأثير و الإقناع

دخل الخبير ماجد وسار بخطوات متزنة نحو مكتب قائد مدرسة العلا النموذجية يزين محياه تلك الإبتسامة التي شدّت القائد ثابت وجعلته يقف مرحبا بالضيف القادم

الخبير ماجد ( بعد أن صافح القائد وسلّم عليه ) : معك ماجد ممن كان لهم شرف تكليفه بالعمل خبيرا لمدرسة مثل مدرستكم ، صحيح أنه لم يسبق لي الدخول لهذه المدرسة أو التعامل معها ولكن أصداء تميزكم كان يجوب هذه المدينة بأكملها وبإذن الله حين تتضافر جهودنا معا سنصل بهذه الأصداء إلى العالمية

القائد ثابت : أخجلتم تواضعنا بهذه الكلمات التي أستشف منها نبرات التحفيز ودعائم التأييد

الخبير ماجد : إنني أنقل لك صورة إرتسمت في ذهني قبل المجيء وأعتقد أنها ازدادت وضوحا منذ دخولي بوابة المدرسة ،  حيث لفت إنتباهي معلم يعمل مع طلابه لم أستطع في البداية تمييز المعلم بينهم ، جعلت أرقبهم لدقائق وهم يعملون في تشريح نباتات ، حقيقة مشهد دلّني على التعاون بينهم ولغة الحوار الهادئة ، وسعي المعلم لأن يتيح الفرصة لطلابه كي يبحثوا وينقبوا بعيدا عن الأسلوب التقليدي للتدريس ، ولكن ماذا عن بقية المعلمين ؟

القائد ثابت : يسحب مقعده للأمام علا صوت صرير المقعد على صوت ثابت والذي بدت كلماته لماجد وكأنها تمتمة لم يع ماجد منها شيئا .

لاحظ ماجد اصفرار وجه القائد ثابت وأحس أنه أخطأ باستعجاله السؤال عن مثل هذه الأمور ومما زاد الأمر سوءا صياغة السؤال والتي توحي بالفوقية وبسلوك المفتشين
فكّر ماجد أنه عليه أولا أن يبني جسرا من العلاقات الإيجابية بينه وبين القائد ليصل خلف أسوار هذا الوجه الذي أمامه والذي يبدو أنه يخفي شيئا لا يمتلك ثابت جرأة البوح به

الخبير ماجد محاولا تغيير دفة الموضوع : إن لدي شغف يا أستاذ ثابت بالتعرف على مرافق المدرسة صاحبة البيئة التعليمية الأكثر تميزا في منطقتنا ، فهل تسمح لي بذلك ؟

القائد ثابت : على الرحب والسعة ، هيا بنا

لقد عمل ثابت نحو خمس سنوات معلما للرياضيات في المرحلة المتوسطة ثم انتقل للمرحلة الثانوية لمدة سنتين رشح بعدها مديرا منذ خمسة عشر عاما
يعمل في هذه المدرسة منذ خمس سنوات يحترمه الجميع وذلك لأنه يتميز بالإخلاص والحرص على العمل وهو صاحب نشاط دائم له الكثير من المشاركات في الملتقيات التعليمية ، استفاد منها الكثير واستطاع أن ينقل الكثير مما تعلمه
لمعلميه لتكون ملتقياته معلومات ومهارات متحركة على أرض الواقع في هذه المدرسة  ، هذا إنطباع كل الزوار والإداريين الأعلى عن القائد ثابت
وفيه الشيء الكثير من الصحة ،

لكن الكثير لا يعلم عن الأمور الخفية لحياة ثابت العملية فبالرغم من قدرته على الإحاطة بالجوانب الإدارية والكثير من الأمور التعليمية إلا أنه لم يستطع تسخير قدراته في إستجلاب عواطف الكثير من المعلمين في مدرسته نحو الأداء الفعال والذي بناه في ذهنه من خلال الملتقيات التي يحضرها

هذه الأمور كانت تجول في خاطر القائد ثابت أثناء مروره على مرافق المدرسة
لحظة وعى ثابت لنفسه وأنه بعد كثيرا عن ماجد أخرج نفسه من دائرة شرود الذهن بسؤال ماجد والذي لم يكن بأحسن حالا من ثابت فهو أيضا غارقا في شروده الذهني محاولا إيجاد تفسيرات لردة فعل ثابت حين سأله عن أداء المعلمين في المدرسة ، أستاذ ماجد :
كم هي سنوات خبرتك ؟

أجاب الخبير ماجد : تسعة عشر عاما قضيت منها عشر سنوات معلما لمادة اللغة الإنجليزية ثم مشرفا في اللغة الإنجليزية منذ تسعة أعوام ، والآن أنا في عامي الأول لأول عمل مستحدث في منطقتنا التعليمية ، إني سعيد بذلك وسعيد بكم لأنكم ستكونون أنتم مصدر من مصادر هذا التحول في حياتي .

القائد ثابت : ها قد انتهينا من جولتنا فهل نعود لغرفة الإدارة ؟

الخبير ماجد : نعم

بعد جلوس الخبير ماجد على الكرسي قال للقائد ثابت : إن جلوسي هذه المرة على الكرسي يختلف عن سابقه فهو محمل بمعاني وتصورات جميلة أعمق من سابقها حول المدرسة وجعلتني أستشعر أنني منكم وأنا هنا من أجلكم ولخدمتكم سأسعى بإذن الله لأن أبذل كل ما أسعى معكم لتطوير المدرسة أكثر من تطورها الحالي .

القائد ثابت : نحن سعيدون بذلك ......... هل تحب أستاذ ماجد أن ترى إنجازات المدرسة في السنوات السابقة ؟

الخبير ماجد : يشرفني ذلك ، وأتحمس كثيرا لرؤية صورة مشرقة ارتسمت في خمس سنوات ماضية .

هنا تذكر أستاذ ماجد قراءاته حول تصنيف الأشخاص حسب أسلوبهم التأثيري
( داهية / صياد / عنيد ) واسترجع إعجابه بشخصية الصياد الذي يستثمر الفرص بطريقة مشروعة من خلال تحسس فرص التأثير في أي موقف ثم يقوم بإستثمارها ، وكيف أن هذه الشخصية تنظر إلى التأثير على أنه فرصه لبناء أو خلق منفعة مشتركة
حاول ماجد إستجماع قواه الفكرية حتى يتمكن من إيجاد موقف أو فرصة يبني من خلالها ما يصبو إليه .
تصفح ماجد الإنجازات سريعا ثم أعاد النظر فيها مرة أخرى بتأمل واع
لاحظ ماجد أن المعلمين الذين ساهموا في صنع الإنجازات هم ستة معلمين تكرّر اسمهم في السنوات الخمس وتساءل في نفسه أين بقية المعلمين
أحس أن هذه فرصة لاحت له فليصداها وليستثمرها
فنادى القائد : أستاذ ثابت

القائد ثابت : نعم

الخبير ماجد : بحق إنها إنجازات رائعة وجميلة ، أتعرف ما هو الأجمل في هذه الإنجازات .....

أستاذ ثابت : ما هو ؟

الخبير ماجد : هؤلاء المعلمون الستة ، متعاونون ومتفانون في العمل ، أعتقد أنهم معلمون متميزون

القائد ثابت : قد لا أمتلك من الكلمات ما يكفي لأعبر عن إمتناني لمثل هؤلاء ، إني أراهم كالعمود للمدرسة .


الخبير ماجد : يبدو أن جميع معلميك من النخبة الممتازة

القائد ثابت :هاااا...... المعلمون الستة السابقون يمتلكون كل مقومات الإبداع والجودة والإتقان في العمل ، إذا أوكلت لهم أمرا ستضمن نجاحه بإذن الله .

الخبير ماجد : جميل أن يسعد القائد بمعلمين مثل هؤلاء وببقية زملائهم

القائد ثابت : يتنهد ، ألا ليت كل المعلمين يكونوا بربع مستوى هؤلاء الستة

الخبير ماجد : لماذا يا أستاذ ثابت ؟ أليس جميع المعلمين بهذا المستوى ؟

القائد ثابت : أنا لدي ستة وأربعون معلما ، أربعون منهم مكانك قف

فكّر ماجد بسؤال بتوجيه سؤال لثابت فحواه : ماذا فعلت لأجل أن ترفع من مستواهم ولكن أحس بأن مثل هذا السؤال قد يشكل فجوة في العلاقة بينهما حيث يظهر من صيغة السؤال وكأنه سؤال تحقيقي لكن فكّر في إستثمار إستراتيجيات الإقناع مع القائد ثابت حتى يتمكن من بدء مهام عمله في مدرسة العلا

الخبير ماجد : أعتقد أنه سيكون هناك نقلة في سلوكهم مع تواجد مثل هذا المشروع الجبار

القائد ثابت : لا أظن ذلك ، فنحن بدأنا الإستعدادات قبل نهاية العام الدراسي الماضي وفي العودة سألتهم عن خطتهم ولكن لم أجد جديد مع المشروع الجديد

الخبير ماجد ( مستخدما إستراتيجية الإقناع الأولى ( استخدام المنطق ) : قد يرون أنهم ليسوا السبب في مشكلة التعليم لدينا وقد تجد مثل هذه الفئة ترمي أصابع الإتهام لإنخفاض مستوى التعليم نحو الغير ،
لأنها ببساطة لم تتعود رؤية نفسها ولم يسبق لها أن تأملت أداءها ولكن هي عالقة في جزء من نافذة جوهاري
( ما يعرفه عني الآخرون ولا أعرفه عن نفسي )
مما نتج عنه تصلب على نفس الأداء
هؤلاء حين يمرون بمواقف إخفاق فإنهم لا يبحثون عن الأسباب وتحليلها والإستفادة منها بتوليد طرق جديدة للأداء وإنما يبحثون عن أسباب الفشل لدى الآخرين معللين بذلك أن فشلهم ليس داخليا وإنما هو نتاج عوامل خارجية

القائد ثابت مقاطعا ماجد : صدقت ، هم دوما يرون أن جيل الطلاب الحاضر جيل مستوى الذكاء لديه منخفض وأنهم مهما فعلوا فلن يحقق ذلك ثمارا ذات فائدة


الخبير ماجد : وقد يكون هناك سببا آخر

القائد ثابت : ما هو ؟

الخبير ماجد : قد يكون هذا الجديد القادم يشكل تهديدا لهم كونه آتاهم بطريقة سريعة ومفاجئة طالبا منهم تغيير السلوك القائم ، هذا التهديد يشكل لهم حالة عدم إتزان نفسي فيرفضوه حتى يبقوا في حالة الإتزان التي يعيشونها الآن

القائد ثابت : صحيح بدليل أن الكثير منهم قبل بدء المشروع الجديد أفضل منه الآن .

الخبير ماجد : أتمنى أن يعوا بشكل جيد مدى حرصك عليهم ليكونوا معلمين متميزين ، لا لتميز المدرسة تميزا براقا ظاهريا وإنما تميزا محققا الأهداف التي خطط لها لمصلحتهم أولا ولطلابهم و أبناءهم ثانيا   

ماجد يرقب عيني ثابت التي اتسعت تفاعلا مع حديثه عرف حينها أن هذا بالفعل ما يحتاجه ثابت ، تبسم داخليا قائلا لنفسه أعتقد أني أسير بشكل صحيح في سبيل إقناعه بما أريد أن أبدأ به مع المعلمين معززا نفسه بعبارة ( دق الحديد وهو حامي ) ومؤكدا على إستراتيجية التفاوض

الخبير ماجد : أستاذ ماجد من خلال التجوال رأيت كثيرا من المعلمين يؤدون عملهم بشكل جيد وأقصد عملهم الروتيني المعتاد ولكن البقاء على هذه الصورة ستمكّن سباقات العلم والفكر أن تتعدى ما يقدمه هؤلاء المعلمين وبالتالي ستختلف صورة الطالب التي ستخرجها المدرسة عن صورة طالب القرن الواحد والعشرون

القائد ثابت : نعم صحيح ، وهذا ما يؤرقني عندما أحضر الملتقيات أحس أن الكثير من طلابنا متأخرون عن غيرهم فكريا ومعرفيا ولكن ما الحل ؟

الخبير ماجد ( مستخدما إستراتيجية الإرتباط ) : كما ذكرت لك إن ما يتم تقديمه في هذا المشروع من رؤية ثاقبة أو من حلول متميزة عبارة عن صورة مخالفة للصورة الداخلية لهم والراسخة في أذهانهم منذ سنوات لذلك فإن نظرتهم نابعة من صورتهم الداخلية وبمنظار مخالف لهذا الجديد مما يجعلهم يستمرون على سلوكهم الحالي محطمين بذلك كل الجهود المبذولة لتحسين المدرسة

القائد ثابت : والواقع شاهد على صحة كلامك

الخبير ماجد : هل يزعجك أستاذ ماجد أن يكون بداية عملي معك وفي مدرستك هو تركيزي على توجهات هؤلاء المعلمين

القائد ثابت : لا يا أستاذ ماجد أنا مقتنع بشكل كبير أن نجاح أي مشروع هو المدرسة والقائد والمعلم هم الركيزة الأساسية لهذا النجاح ،

الخبير ماجد : الكثير من المشاريع السابقة كانت تركز على الطالب وتهمل المعلم
وهذا ما يؤكده الإمام السمعاني بقوله أن المعلم هو محور العملية التعليمية  والطالب هو المستهدف منها بمعنى أن جميع عمليات العملية التعليمية
هي لخدمة الطالب والنظرة السابقة التي جعلت الطالب هو محور العملية التعليمية قلّلت من قيمة المعلم وربطت أهميته بالدور الذي يؤديه للطالب ،
لكن الحسن في مشروعنا أنه يجعل المعلم محورا مهما في عمليات التحسين
وأن إصلاح المعلم وتقويم سلوكه بإستمرار هو صلاح التعليم بكامله

القائد ثابت : إذا ممكن أن نعبر أن محور العملية التعليمية هو الطالب والمعلم معا

الخبير ماجد : قولك هذا يؤكد أن إصلاح المعلم مطلب أساسي وإصلاح الطالب مطلب أساسي ولكن يسبق أحدهما الآخر ويتزامن أحيانا أخرى ولعل الإصلاح يرتبط بالجملة الشرطية إذا .............. فإن .............
وفي المجمل فإن أهمية المعلم تكمن في ذاته في حين أن أهمية الطالب تكمن في طبيعة العمل الذي يؤديه


القائد ثابت : ماذا تريد أن تفعل معهم يا أستاذ ماجد ؟

الخبير ماجد ( مركزا على استراتيجية الإرتباط ) : إن هدفي تغيير النموذج العقلي للمعلمين لأن هذا النموذج هو ما يحدد سلوكه وفعله

القائد ثابت : كم أحلم بذلك اليوم وقد تغير سلوكهم وفعلهم لصالح المدرسة

الخبير ماجد : بل لصالحهم وصالح المدرسة وصالح البلد ككل ، فللمشروع رؤية وأهداف هي ليست ذات أهمية للمعلم لعدم ملامستها لأهدافه ، وحين تكون هذه الرؤية والأهداف هي نفسها رؤية المعلم وأهدافه سيسعى للمجاهدة من أجلها ولتحقيقها على أرض الواقع
ومن هنا سأبدأ معهم بورشة عمل حول بناء الرؤية الشخصية وأسعى فيها لمساعدتهم على اشتقاق رؤية خاصة بهم منبثقة من رؤية المشروع وهذا هو الطريق الأول لتغيير النموذج العقلي لهم

القائد ثابت : سأنظم الجدول لتتمكن من عقد هذه الورشة 


انتهى الموضوع




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق